بعض الوجوه ذكرياتٌ خالية من المآخذ.. وحين يلتقط حسين جبيل التفاصيل، فإنه يُضفي عليها بمكر الرسام نزعة استعادة السعادة.
وحسين جبيل مبدعٌ لا ينتمي إلى مدينة الكسالى الفاضلة.. خطوطه عودةٌ إلى النور، إلى الهوية بعد الضياع. بلورٌ عاكس، مزين بالنجوم ذات الضياء الهائل.
العينان هنا هما المفتاح؛ إذ تتوقدان بالحيوية والنباهة، عبر نظرة يلتقي فيها السحرة والفلاسفة وعمال المناجم.
عينان ناطقتان، مثل مظلةٍ على شفا التفتُّح، وليس مجرد نافذتين محروستين بقضبان حديدية عنوانها المهابة.
«جوبي» يبني ولا يرسم. والبناء الذي يهتم بالأخطاء وتعاقب الزمن والوقائع الحسيّة الممجَّدة، ويدرك الفرق بين السماحة والقبح، هو نوعٌ من الوعي بالتاريخ والسيكولوجيا، وتسليمٌ بطبيعتنا الزائلة.
هذا البورتريه هو تاريخ الأفراح والأحزان، العواطف والرغبات، اليقين والشكوك، المحبة والنفور. يقرأ وجهي وكأنما يستأنف فصولًا متسارعة لجذوة متأصلة في الجسد والنُّسُوغِ.
يستعين بشفافيته في تركيب الجرح الشخصي ضمن محكية جماعية تتقاسم قدر جيلنا المكروب، ثم يضيف خصلات شيبٍ في الذقن تشبه عمري وفنائي.
قال لي «إن به شيئًا من ملامح سلمان رشدي»، ووجدته سرق حقول الحنطة وأشجار الزيتون وقطن الغيوم، كي يصنع من صعود خطه البطئ الذي لا نهاية له، وجه أحد باباوات الفاتيكان الذين أغفلهم التاريخ عمدًا.
أيها الولي التقي، والمهاتما الأخير، في دفتر يومياتي صفحاتٌ كاملة عن البراعة التي عثرت على الجنة المفقودة، والظلال التي أعادت إنتاج البهاء بتوقيعك الشخصي.
التشوف إلى تطويق الحلم، يبدأ بحالمٍ يعشق بليغ حمدي، ويتوق مع كل غلافٍ أو بورتريه إلى احتكار مقامات الخلود.