نظمت مكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان “المدينة العربية – البحث عن الهوية” عبر الإنترنت، فى ثانى سلسلة لقاءات” العلوم الاجتماعية فى عالم متغير”، وذلك بمشاركة الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور باقر النجار، أستاذ علم الاجتماع الزائر بجامعة الكويت.
وأكد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، أهمية عنوان هذا اللقاء، لما له من دور فى خلق مساحات من التواصل والفهم المشترك لمفهوم هوية المدينة العربية.
وقال: “إننا عندما نقرأ عن المدينة العربية نتصور هذه المدن كما لو كانت فى حالة من الأزمة فى عمرانها غير المتجانس، وأنه لا يتصالح كثيرًا مع البيئة وتسيطر عليه النزعة الاستهلاكية، ويحدث قدر كبير من الازدواجية العمرانية والمادية ما بين الغناء الفاحش والفقر المدقع أيضًا”.
بدوره قال الدكتور باقر النجار، أستاذ علم الاجتماع الزائر بجامعة الكويت، أنه قبل البدء فى الحديث عن هوية المدينة العربية وجب التساؤل حول ما إذا كانت المدينة العربية لازالت محتفظة بهويتها أم تشكلت هوية هجينة جديدة لها، ومن الذى يصنع الهوية الجديدة التى هى نتاج متغيرات من الخارج أكثر من كونها متغيرات داخلية.
وأوضح أن هوية المدينة تتكون من إرثها التاريخى والمدن العربية الكبيرة كالقاهرة والإسكندرية وبيروت ودمشق ومراكش وبغداد وصنعاء وغيرها تمتلك هذا الإرث التاريخى والإرث الثقافى الذى تكون عبر سنين تذهب عميقًا فى التاريخ.
وتابع: “جزء من الهوية هو طبيعة التكوين البشرى والمقصود بها التكوين الإثنى المتمثلة فى الأعراق والأديان، لذلك نجد أن المدن العربية القديمة كان بها أحياء لليهود والمسيحيين والأرمن وغيرهم، كل هؤلاء شكلوا أحيائهم وجزء من هوية هذه المدينة”.
وأشار إلى أن التفاوت الطبقى أيضا بين الناس يشكل جزء من هوية المدينة سواء فى عمرانها وأنشطتهم، لافتًا إلى أن المدن العربية لها بعض السمات المختلفة عن المدن الأخرى مثل كثرة المساجد ودور العبادة ويقع على أطرافها حزام يسمى بحزام الفقر يتميز بأزقته الضيقة وتتسم طبيعة البناء فيه بتجاوز أنظمة البناء وشروطها وتفتقر للكثير من الخدمات الاجتماعية.
وأوضح أن شكل المدن العربية وسماتها فى المدن الكبرى القديمة تختلف عن شكل المدن العربية فى منطقة الخليج سواء فى نمط البناء أو سمات الحياة نفسها.
وقال أن المدينة العربية لم تعد تتمثل فيها هوية واحدة أو طور واحدة، فهذه الثنائية الهوياتية فيها قطاع من الناس تروج فى أوساطهم أنماط من العلاقات والتوجهات التى تعلو فيها التقليدية على الحداثة فى حين القطاع الآخر يتمثل فى حياته شكل الحداثة ولكنها حداثة غير متشكلة بشكل جذرى فى شبكة علاقات المجتمع.
وأضاف: “هناك المدن الجديدة الناشئة فى الخليج لا تحتوى على هذا العمق التاريخى أو الثقافى الذى نجده فى العواصم العربية الكبرى فى بعضها كثير من هذه المدن ناشئة ولربما قد لا تجد كثيرًا ما يوصلك إلى ماضى هذه المدن.
ورأى أن أجزاء من سكان المدينة الخليجية تروج فى أوساطهم قيم المحافظة فى مقابل أنشطة اقتصادية وأخرى ترفيهية تتنافس فيها مدن الخليج مع المدن العالمية والتى يضفى عليها سمات الحداثة التى تكتسبها الكثير من الأطر السياسية والثقافية المحافظة.
وتحدث الدكتور باقر النجار عن هوية هذه المدن الجديدة التى تفتقد إلى الإرث التاريخى، لافتًا إلى أن انتشار مراكز التسوق فى المدن الجديدة على سبيل المثال جزء من عملية تنميط للهوية وبالتالى خلق ما يسمى الهوية العالمية وبات الأفراد يتعاطون كثير من الأنشطة ويلبسون ألبسة لا تختلف من مجتمع لآخر وهى أشياء تتحكم فيها وسائط الإعلام الجديدة وتمارس نوع من أنواع تنميط الهوية.
وقال “نحن أمام معضلة من الهوية قد لا يحل بالتباكى والنزعة المفرطة نحو كسر ما هو قائم ولكن فى قدر من التعقل والترشد فى الرغبات وهى دعوات لا تعنى الانحباس فى الماضى ولكن خلق قدر من التباعد معها بالصورة التى لا تفقد هذه المجتمعات رشدها وهويتها”.
للمزيد : تابعنا موقع التعمير ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك التعمير