لا توجد فتوى موحَّدة لدار الإفتاء المصرية حول الرسم والنحت والتصوير ، ففتوى جاد الحق – مثلا – تختلف كُليةً عن الفتوى رقم 9212 وعنوانها ” النحت والرسم والتصوير ” ، وتابعة لقسم التصوير والتمثيل ، وكان نص السؤال : ما حكم التصوير والرسم والنحت ؟ ، وهذا التفاوت – للأسف – يقع ما بين التحريم والإباحة ، وهذا من شأنه أن يُحدث الزعزعة والبلبلة في نفوس المسلمين ، وهذا ما أنادي به من ضرورة التنقية والغربلة ونخل كتب التراث ، واستبعاد المدسُوس والموضُوع والذي لا يتوافقُ مع القرآن ، وتُقرهُ النفسُ ويقبلُ به العقل .
فهل من ينحتُ تمثالا سيُعذَّبُ يوم القيامة جرَّاء قيامِه بالنحت ؟
وهل سيُقال له أحْيي ما خلقتَ ؟ وهل جبريلُ عليه السلام رفض أن يدخُلَ بيتَ النبي محمد ؛ لأنَّ تماثيل كانت على بابه ؟
وهل الناسُ الذين يسيرُون في شوارع القاهرة وميادينها ، ويرَوْن تماثيل لكتَّابٍ وشعراء وموسيقيين وزعماء ورؤساء وقادة وفنانين يُعظِّمُّونها ، ويعبدُونها من دُون الله ؟
وهل الملائكة تبتعدُ عن البيت إذا رأت أنَّ فيه صُورةً و في قولٍ آخر تماثيل؟
وهل على المُسلم أن يُخْرِجَ من بيته ” الصور والمُجسَّمات ” وإلا كان أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة ، باعتباره ” يُضاهي خلق الله ” طبقا لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة ؟
هناك فتوى للإمام جاد الحق علي جاد الحق سنة 1980 ، وكان وقتها مُفتيا للديار المصرية قبل أن يصبح شيخًا للأزهر بعد ذلك يُجَوِّزُ فيها إقامة المتاحف ، ويرى أن الآثار هي سجلٌ تاريخيٌّ يُلزِم المحافظة عليه ، لأنه من الضرورات العلمية .
وتحريم النحت الذي يرفعُه في وجوهنا السلفيون – والدواعش طائفةٌ منهم ، كان سدًّا لذريعة عبادة التماثيل ” الأصنام – الأزلام ” أيام الرسول ، واتخاذها وسيلة للتقرُّب إلى الله .
والسؤال الآن إذا كان القرآن يُلفتُ ” نظر الناس إلى السَّير في الأرض ، ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار ، وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتملُ إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها ” ، فهل القرآن كاذبٌ ؟ وهل جاد الحق علي جاد الحق كافرٌ ، وأحدُ فقهاء السلطان ؟
دعونا نفترض أن أحدًا من سلفيي مصر كان قد وقع في يده ” حجر رشيد ” ، وحطَّمهُ ، ما كان للعالم الآن أن يعرف أسرار الحضارة المصرية القديمة؟
لأذهب إذن إلى القرآن ، وأقرأ ” فانظروا كيف بدأ الخلق ” سورة العنكبوت الآية 20 ، كيف يطلبُ القرآن النظرَ إذا كان هناك تحريمٌ لآثار الأمم القديمة ؟
وهنا عليَّ أن أذهب إلى الإمام محمد عبده في قوله المُهم :
” القرآن هو الدليلُ الوحيد الذى يعتمدُ عليه الإسلام فى دعوته ، وماعدا ذلك مما ورَد فى الأحاديث سواء صح سندها واشتهر أم ضعف فليس مما يُوجِبُ القطع “.
يكذبُ الداعشيُّ في فيديو تحطيم الآثار زاعمًا أنَّ الصحابة حطَّمُوا الآثارَ لما فتحوا البلدان ، كأنهُ لا يعرفُ أنَّ عمرو بن العاص حين فتح مصر ، لم يُحطِّم أثرًا واحدًا ، ولم يأمره خليفةٌ بارتكاب هذا الفعل المُجافي للإنسانية والدين والذوق ، ولم يحُضّه أحدٌ ، أو يحرِّضه على تحطيم الأهرام أو أبو الهول أو غيرها من الآثار البادية لكل عينٍ ترى
للمزيد: موقع التعمير للتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيس بوك التعمير