
أكد المهندس محمد البستاني، رئيس جمعية المطورين العقاريين ونائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الارتفاع الحاد في سعر الدولار داخل السوق الموازية خلال العام الماضي – والذي وصل فيه الدولار إلى مستويات تتراوح بين 50 و75 جنيهًا – لم يستمر سوى نحو شهرين فقط، مشيرًا إلى أن هذه الفترة الزمنية القصيرة لا يمكن اعتبارها قاعدة عامة لتسعير الوحدات العقارية في السوق.
وأوضح البستاني أن حجم المبيعات العقارية التي تمت خلال هذه الفترة لا يمثل سوى نحو 5% فقط من إجمالي المبيعات العقارية التي تمت خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يؤكد أن الغالبية العظمى من عمليات البيع تمت في ظروف سوقية مستقرة نسبيًا.
وأضاف أن صفقة رأس الحكمة، وما تبعها من إجراءات اقتصادية شاملة، وعلى رأسها توحيد سعر الصرف (التعويم)، ساهمت في استقرار سعر الدولار، وهو ما انعكس مباشرة على أداء السوق العقاري. ولفت إلى أن السوق يشهد حاليًا تباطؤًا نسبيًا في حركة المبيعات، بسبب ترقب العملاء لمزيد من الانخفاض في سعر الصرف، بالإضافة إلى زيادة المعروض العقاري في السوق، وتقديم الشركات لتسهيلات سداد كبيرة وغير مسبوقة، وهو ما يعادل انخفاضًا غير مباشر في أسعار الوحدات.
المنافسة تحد من أي زيادات سعرية جديدة
وأشار رئيس جمعية المطورين العقاريين إلى أن حدة المنافسة بين الشركات العقارية، إلى جانب متغيرات السوق، تحول دون قدرة معظم المطورين على رفع الأسعار خلال الفترة الحالية. واستثنى من ذلك بعض الشركات الكبرى صاحبة الاسم القوي وسجل الإنجازات الموثوق به، والتي تتبع استراتيجية واضحة في رفع الأسعار بشكل دوري ومنتظم بناءً على خططها وتكلفتها التشغيلية.
أما باقي الشركات، والتي تمثل الغالبية في السوق، فلا تمتلك هامش التسعير الكافي لمجاراة هذه الزيادات، وتسعى حاليًا إلى الحفاظ على حصتها السوقية من خلال تقديم تسهيلات متنوعة وبرامج سداد مرنة دون رفع فعلي في الأسعار.
استراتيجيات التحوط.. ولا منطق في المطالبة برد فروقات الأسعار
وفيما يتعلق بتأثير سعر الفائدة على القطاع العقاري، أوضح البستاني أن معظم الشركات العقارية الكبرى لديها خطط استباقية وضعها مستشارون ماليون محترفون، لمواجهة تقلبات أسعار الفائدة والتضخم. وأضاف أن المطورين لم يبنوا سياساتهم بالكامل على توقعات الفائدة، بل اعتمدوا على أدوات تحوط مالية وتسويقية مستمدة من خبراتهم السابقة في التعامل مع أزمات اقتصادية مماثلة، خاصة في أعقاب التعويمين السابقين للعملة.
وردًا على دعوات البعض للحكومة بالتدخل لمراجعة الأسعار التي تم تحديدها خلال فترة ارتفاع الدولار – وعلى رأسها ما جاء في مقال الكاتب الصحفي خالد صلاح – أكد البستاني أن المطالبة بإعادة تقييم أو رد فروقات الأسعار أمر غير منطقي، لأن ذلك سيفتح المجال لسابقة خطيرة، حيث يمكن للعملاء لاحقًا المطالبة بتعويضات مقابل اختلافات في الأسعار خلال فترات شهدت تراجعًا في السوق.
وقال البستاني: “لا يمكن تحديد سياسات السوق بناءً على فترة قصيرة من تقلبات سعر الصرف، أو على افتراضات سعرية غير مستقرة. لو فتحنا باب إعادة فروقات الأسعار، فهل سنُطالب العملاء أيضًا بتعويض المطورين عن خسائرهم في الفترات التي كانت الأسعار فيها منخفضة؟ هذا غير عملي وغير عادل للطرفين.”
السوق حالياً لا يحتمل زيادات.. والتوازن قادم
وشدد على أن السوق العقاري الآن يمر بمرحلة إعادة توازن، حيث تتراجع وتيرة البيع نتيجة الحذر لدى المشترين، وتزايد الخيارات المتاحة، إلى جانب تقديم الشركات أنظمة سداد طويلة المدى تصل في بعض الأحيان إلى 10 أو 15 عامًا، بمقدمات تبدأ من 0% إلى 10% فقط.
واختتم البستاني تصريحاته بالتأكيد على أن المطورين حريصون على تحقيق التوازن بين الربحية والاستمرارية، ولن يكون بمقدورهم المجازفة في رفع الأسعار مجددًا في ظل تباطؤ الطلب، مؤكدًا في الوقت ذاته أن السوق سيعود إلى نموه الطبيعي تدريجيًا مدفوعًا بتحسن المؤشرات الاقتصادية وثقة العملاء..