النص الإبداعي بين النثر والشعر.. ماهو النثر الذى نقارنه بالشعر.. هل هو الكلام اليومي.. هل هو اللغة الصحفية.. هل هو الكلام العلمي.
الشعر ابداع.. واذا كنا نريد ان نقارنه بالنثر، فاننا لابد ان نقارنه بالنثر الابداعي، كالرواية والقصة والمسرحية، فهناك عنوان عام هو “الابداع” الذى يحقق التكيف والجمال، وكل هذه الاجناس الرئيسية والفرعية هدفها التكيف والجمال، وينضم اليها الموسيقي والرسم، والموسيقي تشترك مع النص فى الموسيقى التصويرية للافلام، والرسم يشترك مع النص فى غلاف العمل الادبي والرسوم الداخلية، فكل تلك الاجناس الابداعية تحاول ان تجعل المتلقي يشعر بالجمال ويحقق التكيف من خلال الحواس واللغة والعقل، ولا فضل لجنس ابداعي على جنس آخر الا بالجمال.
وليس هناك قوانين صارمة تفصل كل تلك الاجناس الابداعية، فهي تتداخل وتتقارب وتتعاون، وكذلك ليست هناك قوانين صارمة تحدد اساليب تلك الاجناس، الموضوع متروك بالكامل لحرية المبدع، والشرط الوحيد هو الجمال، فلا معنى للصراع بين “انصار” جنس ابداعي وجنس اخر، فالابداع ليس علما، بل هو مشاعر، ولا معنى للصراع على المسميات، فالشعر العمودى ابداع، والشعر التفعيلي ابداع، والشعر المنثور ابداع.
وربما الأفضل ان نستخدم مسمى واحدا لكل اصناف الابداع اللغوى وهو “نص ابداعي”، ويمكن تقسيم النصوص اللغوية الى “نص منطقي” وهو “نص ابداعي”، فالنص المنطقى هو الذى يعرض الحقائق ويلتزم بها كالنصوص العلمية.
أما النص الابداعي فهو يخرج على المنطق ليصنع عالما مجازيا جماليا تكيفيا، فالروائي مثلا يكذب ويدعي حدوث ما لم يحدث، والشاعر يكذب من خلال الصور الشعرية، والموسيقى تعتبر نصا ابداعيا لان الاصوات المنطقية هى الكلام للتعبير والتفاهم والناس عندما يتفاهمون لا يغنون.
وهناك الان نصوص تجمع بين عدة اجناس، فهناك قصص قصيرة جدا مثلا كانها قصائد، والمعيار الوحيد هو الجمال، ومعايير الجمال تتطور وتتغير، ومحاولة تعريف كل “جنس” بدقة غير مجدية ولا معنى لها، فلعل الافضل ان يكون هناك “تسامح” فى استخدام المسميات والتزام القواعد، بشرط وحيد هو الجمال.
وقد يقول البعض ان هذا سيؤدي الى الفوضى، وهى فوضى منطقية لان وضع حدود ومعايير للابداع هو غير المنطقي، وربما يمكن محاولة “وصف” اساليب الابداع من باب التوثيق، وتعريف المبدعين الجدد باساليب المبدعين الذين سبقوهم، من باب العلم والاسترشاد لكن ليس الالزام.
اقرأ أيضًا : مصطفى حامد يكتب : بناء العمل الأدبي