أخبار مصر

منصة كناية فوروم تناقش المجموعة القصصية امرأة البدايات للقاصة والصحفية هايدى فاروق

الدكتور عبدالسلام الشاذلى:

*فن القصة القصيرة هو الفن الأصعب والأعقد والأهم ونواه العمل السردي

الشاعر والناقد السوري نبيل شوفان:

*المجموعة هى صفعة تذكرنا بأننا لم نحقق الكثير في مجال حقوق المرأة ..في بعض المجتمعات

*الكاتبة أرادت أن تكون شاهدة على عصرها وعملها الصحفي قاد موهبتها لأختبار فوق ماتتمنى 

الناقدة عواطف محجوب:

*القاصة شاركتنا تجربة إنسانية خاصة لأنها قدمت المرأة في بيئتها الأصلية الاجتماعية والثقافية المحلية

 

عقدت منصة كناية فوروم ندوة عبر تطبيق زووم لمناقشة المجموعة القصصية امرأة البدايات للقاصة والصحفية هايدى فاروق بمجلة صباح الخير بمؤسسة روزاليوسف وهى مجموعتها القصصية الأولي الصادرة عن روزاليوسف.

أدار الندوة الشاعر العراقي الكبير حكمت الحاج وشارك في المناقشه كل من الدكتور عبدالسلام الشاذلي أستاذ الفكر والنقد العربي المعاصر ، وعضو مؤسس للجمعية المصرية للنقد الأدبي، والناقدة التونسية عواطف محجوب وهى قاصة وشاعرة وناقدة من تونس وتعمل مديرة تحرير في مجلة كناية وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان لاعب الظل.. ونبيل شوفان شاعر وناقد سوري يقيم بباريس ويعمل صحفيا في اذاعة مومنت كارلو… وشارك فنان الكاريكاتير أحمد جعيصة بالحوار وهو من قام برسم وتصميم غلاف المجموعة ورسم اللوحات الداخلية.

في بداية الندوة أكد الدكتور عبدالسلام الشاذلي، أن فن القصة القصيرة هو الفن الأصعب والأعقد والأهم وان القصة القصيرة هي نواة العمل السردي ففي تاريخ الأدب المصري نتذكر محمد تيمور ومجموعته القصصية الأولى في القطار وهو كان متأثرا بموباسان الفرنسي المدرسة الواقعية.

وتساءل الدكتور عبد السلام الشاذلي هل القصة القصيرة قادرة أن تعطى ملمحا من ملامح الزمن؟ هذا السؤال دائما نسأله عندما نقرأ مجموعة قصصية، وعندما قرأت المجموعة القصصية امرأة البدايات للقاصة هايدى فاروق كان السؤال ما هي ملامح الزمن الذي نعيش فيه في هذا الوطن؟.

الأرجوحة هى القصة التى تبدأ بها المجموعة وقد قرأتها بعناية وهى تسرد محاولة فتاة تعتمد على نفسها فتاة مصرية جديدة تريد أن تحرك نفسها بنفسها تقتحم الحياة بإرادتها تريد أن تتحرر من سلطة الأخر عليها كان هذا هو الملمح الأول لهذه الأقصوصة، حيث جاءت نهاية القصة بأن البطلة تضرب برجليها الأرض وقضية لمس الأرض هي قضية كبيرة جدا في كل الفنون، فلكل عمل فني نقول إن له أرضية، والقصة القصيرة أيضا تلامس جوهر الأشياء.

ربطتني هذه القصة بعمل عظيم جدا أعتز به في مجال النحت المصري وهو تمثال نهضة مصر، حيث صور الفنان المبدع محمود مختار التمثال في صورة فلاحة وأبو الهول رمز الحضارة الفرعونية القديمة وقد لامست الفتاة الريفية رأس أبي الهول بما يعنى أنه لا نهضة لنا إلا بالعودة للجذور ونحن دائما يجتاحنا الحنين للآداب والفنون لأنها تعيدنا لطفولتنا، لذلك فالأرجوحة بها من ذكريات الطفولة.

أيضا سقط آخيليس في الإلياذة عندما تكبر ورفع رجلاه من الأرض، وهذه القصة عندما قرأتها -لأول مرة- فجرت كل هذه الأحاسيس وهو ما جعلني أقرأ قصة وراء أخرى.

واستطاعت هايدى فاروق أن تتحول لامرأة أخرى ليس لها ملامح الطفولة في قصة امرأة البدايات فوجدت نفسي أمام امرأة جديدة ناضجة تحدق بالرجل، فتاة مصرية لا تترك نفسها للأخر من دون أن تضعه تحت مجهر.

وفي قصة راسلوني على العام تحكى القاصة عن بطلة انتهازية كانت موجودة في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير واستغلت كل ما لديها لتتصدر المشهد السياسي ربما هذه القصة كانت تحتاج لأضاءه على شخصية البطلة بشكل أكثر عمقا .

أيضا تضم المجموعة بعض القصص الطويلة كأنها فصول من راوية مما يبشر أن بداخل القاصة هايدي فاروق حنينا لكتابة الرواية.

ثم وقف الناقد حول استخدام اللغة بين العامية والفصحي،في آخر المجموعة القصصية،وأشاد بلغة الكاتبة البسيطة الهادفة التى توصل المعاني، بلا حزلقة.

الشاعر السوري والناقد نبيل شوفان قال: إننا أمام مجموعة قصصية تستحق الاحتفاء بما فيها من قضايا ومشاكل مجتمعية ومشاعر إنسانية والعمل الصحفي للكاتبة قاد مواهبها لاختبار فوق ما تتمنى من تجارب ومشاكل في مجتمعها أو المجتمعات المشابهة، وهو ما ينطبق على كل المؤلفين الواقعيين الذين يناقشون هذه المشاكل المتعلقة بالمجتمعات والسلوك البشري.

وفي المجموعة أكثر من قصة شكلت لى صفعة وذكرتني بأننا لم نحقق الكثير من حقوق المرأة والإنسان في بعض المجتمعات ويجب ألا نخفف من يقظتنا، فالكاتبة تريد أن تكون شاهدة على عصرها لذلك رسمت في هذه القصص الحياة اليومية لبعض الأشخاص والتي قد تكون بائسة، وقصص كانت تجلب عدوى الكآبة مستمدة من الواقع، ومنحت شخصياتها هوية دقيقة وخصائص جسدية ونفسية وسلوكية دون أن تبالغ في الأوصاف ووفقت في ذلك، وهي مجموعة قصصية تسعى بشكل جاهد لرسم طبيعة المجتمع الشرقي.

والكاتبة لا زالت تشكك في تطور المجتمع وتكتب بعيدا عن الرومانسية التي نراها فى الروايات فهي قررت أن تكون تصويرية متحدية الرومانسية، وربما هذه المجموعة قد تثير حفيظة بعض النقاد الذين يعتبرون أن الواقعية قد تكون خالية من الإبداع.

وأوضح شوفان أن المجموعة لا تندرج في إطار الأدب النسوي لكنها تندرج في الكتابة النسائية لأن موضوعاتها متشابكة ومتعددة لا يمكن اختصارها في أنها مشكلة مساواة بين المرأة والرجل لكنها تتعدى الرجل إلى المجتمع أزمات سياسية واقتصادية ودينية..

ففي قصتي “9 سم” و”امرأة البدايات” تتحدث القاصة عن هواجس المرأة في مجتمعاتنا الأصلية وتحذرنا من التطابقات المضللة
ومن عيوب الأدب القليلة بالموازنة بالمميزات الكثيرة أنه قد يبعدنا عن عالم الحقائق ويبقينا محتجزين مع شخصيات مثالية، نحن نعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة في الحياة الحقيقية وان الحياة المثالية والرومانسية التي نواظب على قراءتها قد تقودنا للضياع
الأدب الواقعي سيكون في مرحلة ما تنشط إنسانياتنا أكثر من قصص الحب الجميلة التي نعرفها ذات النهايات السعيدة والمتوقعة..

وفي قصة امرأة البدايات نحن أمام نص مبهر لامرأة ناضجة باتت تعرف كل ألاعيب الرجال المكشوفة وبالتالي فإن سهولة اكتشاف سيكولوجية الرجل قد تعود بالضرر على المرأة والقصة ذكرتني بكتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، لأن الكاتبة تعيد سرد القيم بين الرجل والمرأة المتباينة والتي تجعل الرجل يكمل المرأة والمرأة تكمل الرجل، فالقصص تخبرنا بأن الحميمة أمر يمكن خلقة دائما ،كما يمكن التواصل دون صراع، وتحدثت بأسلوب سردي جيد جدا وحملته بأبعاد نفسية كانت ناجحة.

الناقدة والقاصة عواطف محجوب قالت: توجد ثلاث ملاحظات عامة، الملاحظة الأولى هي أن كل النصوص تستظل بالمرأة وسمة المرأة قد انعكست على النصوص، وجاءت معظم الشخصيات نساء والوصف طغى على السرد، وفي كل مرة كانت تثير قضايا متعلقة بالمرأة كالزواج والطلاق الأمومة والإنجاب، والمرأة في المجموعة لم تقتصر على طبقة واحدة لكنها تنوعت بداية من المرأة العادية حتى المرأة المثقفة.

وهنا يلوح تأثير القاصة في تقديم النموذج في كل مرة وأقول إن المرأة عندما تكتب عن المرأة فهي مناصرة ومدافعة لأن الوقوف على المشاكل وطرحها هو نداء صريح للإصلاح وتحسين الواقع وبالتالي أقول إن هذه المجموعة أثارت قضايا نسائية بقلق نسوي وهو ما أطلق عليه المنطقة الرمادية لأن هناك بعض الملامح النسوية داخل النسائية أولها الدعوة للتغير الإيجابي، فمعظم بطلات المجموعة بدأنا بمحنة ثم صارعن للتغيير .

أيضا هناك دعوة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية وهو مطلب نسوي، وهذا مجسد في قصة “راسلوني على العام “حيث تعيش امرأة في شرنقة منسية ثم تخرج للعام وتصبح مؤثرة في الثورة وتتصدر المشهد السياسي والانتخابي.

كذلك طرح القضايا المتعلقة بالمرأة هو محاولة لفهم وتشخيص البيئة التي تنتمي إليها وهذا التشخيص يؤدى بنا إلى الإشكاليات التي تطال المرأة ومن ثم يحدث التغيير.

الملاحظة الأخري هي النزعة الصحافية حيث اعتمدت على الأخبار أكثر من السرد، والسرد يستدعى التوسع في الحركة، أما الإخبار فيه اقتصار والإيجاز حد من التخيل في بعض النصوص، والتركيز على الجانب النفسي كان أقوى من السرد في بعض النصوص.

الملاحظة الثالثة، قامت القاصة بتقديم المرأة في بيئتها الأصلية الاجتماعية والثقافية وهو اختيار ذكي منها لأنها شاركتنا تجربة إنسانية خاصة لا تسقط على مجتمعات أخرى.. في المجمل المجموعة جمعت بين الرومانسية والواقعية وهي تبشير لنص روائي.

ومن جانبه وجه الشاعر الكبير حكمت الحاج مدير الجَلسة عددًا من الأسئلة عن غرام القاصة بالقصة القصيرة ومتى بدأت كتابتها؟ ولمن تقرأ ؟وبمن تأثرت ؟ وهل القصة القصيرة تشبع أهدافها أم أنها ثوب صغير تريد الخروج منه ؟

ثم وجه أسئلة للفنان أحمد جعيصة تتعلق باللوحات داخل المجموعة وهل قرأ جعيصة كل القصص وكل قصة ألهمته فكرة أم أن الرسوم كانت عامة ووجد أنها تناسب القصص؟

وأوضح جعيصة أن كل قصة ألهمته باللوحة الخاصة بها وبالطبع قد قرأ القصص كلها وفى أوقات كان يستمع للقصة ويقوم برسم اللوحة بالتزامن مع قراءتها كأنها رسم حي مباشر .

وهناك بعض القصص تم رسمها من أول جمله فيها والبعض استغرق عدد من المحاولات، وكان بالنقاش مع الكاتبة من خلال ورشه عمل مشتركة، خصوصًا أن المجموعة القصصية تضمنت شخصيات عديدة وأنماط مختلفة من البشر والحكايات والأماكن وهى بالنسبة للفنان شيء مثير للخيال والإبداع.

وفي نهاية الجَلسة وجهت القاصة هايدي فاروق الشكر لمنصة” فوروم كناية” ولمدير الجَلسة الشاعر حكمت الحاج على إدارته الرصينة للندوة ولجميع المشاركين وملاحظاتهم البناءة ونقدهم الحر فكانت الندوة ثرية، بها استفادة عظيمة خاصة في حضرة قامات نقدية كبيرة من بلدان مختلفة من الوطن العربي.

يذكر أن مجلة كناية هي مجلة ثقافية رقمية مستقلة تأسست في السويد وهى تعنى بالخيال والحرية والحداثة، ورئيس التحرير هو الشاعر العراقي الكبير حكمت الحاج، صاحب إصدارات ومساهمات ثقافية ونقدية عدّة ومتفردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى