*7 مواقع أثرية سعودية ضمن قائمة التراث العالمي .. وقائمة مرتقبة في الطريق
*ترميم وتطوير 130 مسجدًا ضمن مشروع تطوير المساجد التاريخية
*زيادة عدد المواقع الأثرية المسجَّلة إلى 8917، ونحو 3646 موقعاً للتراث العمراني
اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، اليوم العالمي للتراث في 18 إبريل سنويا، بغرض حماية التراث العالمي الإنساني المشترك، وتعزيز التفاهم والتعاون الدولي بشأن حماية الممتلكات التراثية.
وبهذه المناسبة، تحتفي هيئة التراث في المملكة العربية السعودية، باليوم العالمي للتراث، مواكبة لدول العالم، ومبرزة كافة الجهود السعودية لصون التراث الثقافي، مُستعرضةً انجازاتها في مجال حماية هذه الكنوز والمحافظة عليها.
وتنظم هيئة التراث عروض الضوء والصوت على مباني ينبع التاريخية لمدة يومين،، وذلك ضمن أنشطتها وفعالياتها لإبراز التراث الوطني، واستحضار المواقع التاريخية، في مختلف مناطق المملكة.
وفي هذا السياق، تشهد المملكة العربية السعودية مرحلة ثقافية مهمة، وتحوّلات نوعية حقّقتها منذ إطلاق الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان وزير الثقافة في 2019م، الاستراتيجية الوطنية للثقافة، التي ترتكز على إعطاء صوت جديد للثقافة السعودية وتعزيز هويتها وحفظ إرثها الحضاري وتطوير القطاع الثقافي، فضلا عن صون التراث المادي وغير المادي ضمن أجندة عمل الوزارة، تحقيقاً لأهداف «رؤية 2030».
كنوز المملكة
تتجلّى كنوز المملكة التراثية في روزنامة هائلة من الموروث الثقافي المتعدد، بداية من الأزياء التراثية التي تعكس الهوية الوطنية، والحرف اليدوية والمنتجات التراثية التي شكّلت مصدر رزق لصانعيها من أفراد المجتمع في الماضي، بالتوازي مع خطة عمل للتنقيب عن الاكتشافات الأثرية الثمينة في مختلف أرجاء المملكة، وما تحتضنه أرضها من إرث حضاري وثروة عالمية، توجت بآلاف المواقع الأثرية المسجَّلة؛ ومواقع التراث العمراني التي احتفظت بأثر الإنسان وهويته عبر العصور، وصولاً إلى الحرف التقليدية المسجَّلة في القائمة الوطنية للحرف اليدوية التي أطلقتها المملكة ضمن جهودها لخدمة التراث، وحماية الآثار، وصون الهوية الثقافية الوطنية.
7 مواقع و11 عنصراً ثقافياً
نجحت المملكة في تسجيل 7 مواقع أثرية سعودية ضمن قائمة التراث العالمي (اليونيسكو)، حيث تحمل بين طياتها قيمة تاريخية وتراثية جعلتها محط جذب سياحي متميز على مستوى العالم. وتسعى الجهات المختصة إلى الحفاظ على الثراء التاريخي والتراثي للمملكة وإبرازها للعالم عبر إضافة المزيد من المواقع السعودية إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
شملت هذه المواقع، وادي الحجر؛ القلب النابض بالحضارة الإنسانية، وحيّ الطريف التاريخي نواة بناء الدولة، ومنطقة جدة التاريخية؛ النافذة البحرية والتاريخية الحيّة، والفن الصخري في مواقع جبة وراطا والمنجور (الشويمس) بمنطقة حائل، وواحة الأحساء؛ الجوهرة الخضراء في قلب الصحراء، وأكبر مجمّعات الفنّ الصخري في منطقة حما الثقافية، إضافةً إلى محمية حرة عويرض؛ آخر المواقع السعودية تسجيلاً في القائمة.
ويترقّب عدد من مواقع التراث المادي السعودي الانضمام أيضاً، يتمثّل في عدد من الآثار الثابتة مثل النقوش الكتابية والمنقولة، منها المنحوتات والقطع واللقى التاريخية، والتراث العمراني المتمثِّل بما شيّده الإنسان عبر العصور، والمواقع الأثرية التي تشمل الأعيان الثابتة والمنقولة والمطمورة والغارقة، والأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة من مواقع أثرية تحمل قيمة استثنائية.
وبجهود فردية وجماعية، تمكنت المملكة من تسجيل عدداً من عناصر التراث الثقافي غير المادي، بدأت بحداء الإبل، وهو تقليد شفهي للنداء على قطعان الإبل، إلى البنّ الخولاني، وما يضمّه من ممارسات مرتبطة بزراعة هذه الحبوب، وأيضاً الخطّ العربي. كذلك حياكة السدو، ونخيل التمر والتقاليد المرتبطة به، وفن القط العسيري، أحد أعرق فنون النقش العربية، إضافةً إلى القهوة العربية رمزاً للكرم، ورقصة المزمار الرائجة تاريخياً في مدن غرب المملكة، والمجلس مكاناً ثقافياً واجتماعياً تميّزت به الثقافة العربية، والعرضة النجدية وما ارتبط بها من أهازيج شعرية.
تعكس هذه الإنجازات حجم الجهد السعودي في قطاع التراث، متبلوراً بأرقام وإحصاءات مهمّة شكّلت محاكاة للعراقة، بدليل زيادة عدد المواقع الأثرية المسجَّلة في جميع مناطق المملكة إلى 8917، ونحو 3646 موقعاً للتراث العمراني المسجَّل فيها، وأكثر من 5393 حرفياً مسجَّلاً في السجل الوطني للحرف اليدوية.
ويُمثل هذا التسجيل استمراراً لجهود هيئة التراث المتواصلة في اكتشاف المواقع الأثرية، والتاريخية بالمملكة، وتسجيلها بشكلٍ رسمي في السجل الوطني للآثار، وإسقاطها بعد ذلك على خرائطَ رقميةٍ تُمكّن من سهولة إدارتها، وحمايتها، والمحافظة عليها، وبناء قاعدة بيانات مكانية للمواقع الأثرية المسجلة، وحفظ وتوثيق الأعمال التي تجري عليها، وأرشفة وثائق وصور مواقع التراث بالمملكة.
في سبتمبر من العام 2023م، احتضنت الرياض أعمال الدورة الموسَّعة الـ45 للجنة التراث العالمي التابعة لـ«اليونيسكو»، بحضور نحو 3 آلاف ضيف من 21 دولة؛ اثباتا للجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية، وتأكيدا على الجهود الضخمة التي بذلتها المملكة على مدار السنوات الماضية، أسفرت عن تقديمها الكثير من الكنوز التراثية المتّصلة بتاريخ عريض من الحضارات والثقافات والحكايات للعالم أجمع، والتي حظيت بأصداء إعلامية عالمية.
مشروع تطوير المساجد التاريخية
يعد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، أحد أبرز المشاريع السعودية حفاظا على هوية التراث العمراني في المملكة، وتأصيل جماليات العمارة المحلية، من خلال ترميم وتطوير 130 مسجدًا من أكثر المساجد عمقاً تاريخياً وثقافياً واجتماعياً في المملكة.
أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، المشروع في عام 2018، من أجل الحفاظ على الهوية العمرانية السعودية، ومشاركة ثقافة المملكة وتراثها الحضاري مع دول العالم.
وفي المرحلة الأولى، قام فريق من الخبراء والمتخصصين في المباني التراثية بترميم 30 مسجدًا ذات القيمة والأهمية على مستوى مناطق المملكة، مع الاهتمام بالطابع المعماري الفريد لكل مسجد وتحقيق عنصري الأصالة والتكامل.
وينطلق المشروع، الذي يشهد مرحلته الثانية حاليا، من 4 أهداف استراتيجية، تتلخص في تأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.
منصة “بنَّاء”
وفي ديسمبر 2023م، أعلنت هيئة التراث عن إطلاق منصة “بنَّاء” الإلكترونية ضمن مبادرات المشاركة المجتمعية بموقع وزارة الثقافة الإلكتروني؛ لتكون بمثابةِ قاعدةِ معلوماتٍ مساندةٍ لمشاريع الترميم لمواقع ومباني التراث العمراني، وذلك ضمن مسارٍ يستهدف أربع فئاتٍ على المستوى المحلي، والإقليمي، والدولي، وهم الحرفيون والحرفيات، والتقنيون والمهنيون، والمهندسون المتخصصون، والخبراء والأكاديميون في مجال التراث العمراني؛ لحصرهم وتسجيلهم بشكلٍ رسمي مما يسهم في تكوين قاعدة بيانات لهؤلاء الممارسين الفنيين، وتمكينهم من المعارف والمهارات اللازمة لتطوير المجالات المستهدفة، ومساندة المشاريع الفنية والعلمية المتعلقة بالتراث العمراني الوطني.