
إذا حاولنا حصر عدد المؤتمرات العقارية التي تُقام في مصر خلال السنوات الأخيرة، سنجد أن عددها ليس بالقليل — وربما تكون هذه هي النقطة الإيجابية الوحيدة من وجهة نظري.
لكن على الجانب الآخر، أصبحت السلبيات واضحة للعيان، حتى باتت تلك الفعاليات تثير تساؤلات حول جدواها وأهدافها الحقيقية.
فعلى سبيل المثال، نجد أن عددًا كبيرًا من العاملين في صناعة العقار أصبحوا يعزفون عن حضور هذه المؤتمرات، بعدما أدركوا أنه لا يوجد أي مردود مهني أو معرفي حقيقي يمكن الخروج به.
إذن، من هم الحاضرون؟
غالبًا ما يكون الحضور من موظفي الشركات الراعية، إلى جانب عدد غير قليل من الصحفيين أو العاملين في قطاعات مختلفة رأوا في المؤتمر فرصة مناسبة للابتعاد عن ضغط العمل ليومٍ واحد!
أما المتحدثون على المنصات، ففي الأغلب هم أنفسهم ممثلو الشركات الراعية للمؤتمر، وهو ما يجعل الصورة واضحة: الكلمة تُشترى بالرعاية، والرسائل تُوجَّه وفقًا لحجم الدعم المالي، لا وفقًا لقيمة المضمون أو أهمية الطرح.
الموضوعات متكررة، والأسماء ذاتها تتنقل من مؤتمر لآخر في دائرة مغلقة، حتى باتت هذه المؤتمرات وسيلة لتسويق المتحدثين أنفسهم، لا لمناقشة القضايا الجوهرية التي تهم السوق العقاري أو تساهم في تطوير الصناعة.
والدليل الأوضح على ذلك هو الحضور المحدود للشركات الكبرى في السوق، والتي لم تعد تجد في هذه الفعاليات سوى “عرض مسرحي متكرر” فقد بريقه ومصداقيته.
إن صناعة العقار في مصر لا تحتاج إلى المزيد من المؤتمرات الشكلية، بقدر ما تحتاج إلى منصات حقيقية للنقاش المتخصص، وتبادل الرؤى بين الخبراء، وتقديم حلول واقعية للتحديات التي تواجه السوق.
فمن دون هذا التحول، ستلقى المؤتمرات العقارية نفس مصير “سيتي سكيب” — بعد أن كانت الحدث الأبرز والأكثر انتظارًا في أجندة القطاع، أصبحت مجرد ذكرى لمجدٍ مهني تلاشى مع مرور الوقت.