أخبار مصر

الدكتور أحمد الباسوسي الاستشاري النفسي يقدم روشتة لـ «البدايات الجديدة»

أكد أن الذكي هو من يتعلم من تجاربه السلبية فهى تمنحه المزيد من الفهم والنضج والقوة 

كتبت – هايدي فاروق

تمر علينا لحظات عسيرة نحاكم فيها أنفسنا.. ماذا حققنا؟ هل اصبنا أم أخطئنا ؟ وسواء كنا ناجحين او لم يحالفنا الحظ نحتاج جميعا للبدايات الجديدة في الحياة والعمل مع الزوج والأبناء وفي علاقاتنا العاطفية والأسرية، فعلي كل إنسان أن لا يننتظر البداية من الغير، بل عليه طرق الأبواب المغلقة وخلق بداية خاصه به وحده.

لكن هل تتوقف البدايات الجديدة علي سن معين ؟.. هل اي إنسان قادر علي خلق بداية جديدة له ؟ هل لها استعدادات خاصة ؟ وماهى المعوقات التي قد تواجهنا ؟

يقول الدكتور أحمد الباسوسي استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان: الحياة مجرد رحلة لها بداية مع صرخات الميلاد الأولي، ولها نهاية لحظة السكون النهائي (الموت). وبين الطرفين الميلاد والموت عوالم شتى يلج الانسان دروبها ويدخل معتركاتها وينال في ايامه أثناء المشي جروح وخربشات وصدامات وصدمات . الموضوع ليس فلسفيا وليس موضوع انشاء يتعلق بالنصح والارشاد بقدر ما يتعلق بحالة الانسان داخل هذا الكون الواسع.

ويضيف: الانسان الناضج الذكي هو من يكون على دراية ووعي بخطواته داخل عوالمه التي يلجها أثناء مسيرته في الدنيا. بمعني انه ذلك الشخص القادر على تحديد أهدافه من وجوده في الواقع وينشغل بهذه الاهداف ويسعى طول الوقت الى تحقيقها ، بمعنى ان تكون هذه الاهداف محور انشغاله الذهني مهما تكاثرت التحديات والخطوب.

هذا يعتبر منهج أو استراتيجية الشخص الناضج الذكي في حياته في تعامله مع امور حياته اليومية. لذلك اذا صادفه سوء الحظ في احدى مراحل دورانه مع حياته اليومية ، أو واجهته زملة من التحديات المفاجأة غير المتوقعة لاينبغي ان يقابل هذه الامور باستجابات احباطية متميزة كأن ينكفأ على نفسه، ويتراجع خطوات عن الطريق الذي رسمه لنفسه، ولا عن الاهداف التي حددها سابقا لتسير عليها حياته وتتحقق آماله وطموحاته التي تتماهى مع منحه الله له من مواهب وقدرات تميزه وتيسر له تحقيق طموحاته.

ان الاحباط شعور انساني اكتئابي سلبي يتملك شخص شخص تم اعاقته عن تحقيق اهدافه ، أو تملكته مشاعر الظلم من آخرين لرغبتهم في حرمانه من انجاز اهدافه التي رسمها لنفسه لكنه اذا استمر طويلا وتداخلت معه أعراض على شاكلة فقدان الهمة والعزيمة وفقدان الشغف وتطور الأمر الى نوع من الانعزال والغضب على الواقع والاستسلام واليأس فمؤكد يصبح الطريق ممهد الى الاكتئاب الصريح الذي يمنع مشاعر الأمل ان تتسرب اليه وتحرمه لذة التمتع بالحياة وبالصحبة وبالآخرين.

والبداية دائما ولابد ان تكون بسرعة الفوقان من المشاعر الاحباطية التي يتسرب منها الاكتئاب ، واستعادة قدرة المواصلة والتحلى بروح المثابرة التي لابد وان يتحلى بها الشخص الناضج الذكي .

فالعوائق والعقبات موجوده وتواجهنا في كل المواقف والظروف ونحن أثناء عملنا في انجاز اهدافنا وطموحاتنا نتوقعها وندركها جيدا، لكننا نستمد دوافعنا من تلك الطاقات النفسية المحفزة من اجل انجاز اهدافنا التي حددناها سلفا، ومن ثم يتعين على الشخص الناضج الذكي ان يستعيد بسرعة هذه الطاقة المحفزة (الدوافع) من أجل التخلص من الحالة الاحباطية الانكماشية التي اصابته من جراء المشاكل التي واجته وهددت بامكانية عدم بلوغه الهدف الذي اراد تحقيقة.

ان البداية الجديدة ضرورية ومهمة لاستكمال العمل من أجل انجاز اهدافنا لكن يسبقها ضرورة التخلص من لآثار السلبية التي نجمت عن تعرضنا لهذه الخبرة الاحباطية الطارئة وللتخلص من هذه الخبرة السلبية الاحباطية ينبغي ان نمر بالخطوات التالية:

اولا: ضرورة الافاقة السريعة من التأثر النفسي للصدمة الاحباطية وعد الاستغراق في تأملها أو التفكير فيها لأن ذلك من شأنه ان يضخم من تأثيراتها المعنوية ، كما ان المبالغة في في التأمل فيها والتفكير فيها يعطل بشكل كامل مسارات الوعي المطلوبة لطرح الحلول والخروج من الأزمة ويفتح مسارات الأمل في امكانية العودة للعمل وانجاز الاهداف وتحقيق الطموحات المرجوة .

ثانيا: ان الافاقة السريعة تتطلب بالتأكيد احتواء سريع بقدر الامكان للافكار السلبية الناتجة عن اصطدام الشخص المتحفز والمشبع بالأمل بهذا العائق المفاجئ الذي حرمه من استئناف طريقه لتحقيق هدفه النهائي .

هذه الاقكار السلبية تتخذ عدة مسارات منها ماهو مادي غير محتمل فوق طاقته أو اجتماعي يتعلق بمشاعر العدائية أو الاضطهاد من قبل آخرين يترصدون له ويسعون الى ايقافه وتدميره (ضلالات اضطهادية)، أو أمور تتعلق بالنظم واللوائح المعلقة والتعسف المتعمد في استخدامها ضده لايقافه… الخ .

ان ايقاف هذه الأفكار السلبية يتطلب ضرورة التعامل معها بذكاء ونضج مثل التوقف تماما عنها أو التأمل والاستغراق فيها حتى لانزيد من امكانية نشاطها السلبي المعطل لحركتنا وقدراتنا العقلية . وان ننشغل أو نسحب انتباهنا عن هذه الافكار بأمور في واقعنا مثل ان نمارس نشاطا يدويا أو عقليا محببا لدينا ولنا شغف بممارسته، أو نمارس انشطة اجتماعية تواصلية مع آخرين من احباءنا نتحدث معهم ونحكي معهم في أي امر آخر حتى انتهاء تلك الموجة من الافكار السلبية التي تستغرقنا من جراء الصدمة الاحباطية قبل ان نلجأ في نهاية الأمر الى ممارسة تمرين من تمرينات الاسترخاء التأملية التي تساعد في تنظيم حركة موجات المخ الكهربائية ونتمكن من السيطرة الذاتية على تلك الموجات بحيث نزيد من معدلات كهرباء موجات المخ الباعثة على الهدوء والراحة والسكينة على حساب موجات المخ الباعثة على التوتر والقلق والاضطراب، وبذلك يتحقق للشخص الهدوء والفرصة الكافية لتحاوز الفكرة الاحباطية الحاصلة وتبعاتها أو تأثيراتها السلبية المعطلة والمعوقة لخروج الاقكار والانشطة اليدوية والذهنية ونتمكن من العودة لاحقا لمتابعة ما كان يشغلنا قبل التعرض للخبرة الاحباطية ، لكن هذه المرة بروح أكثر تحديا وبمرونة هائلة في التفكير مشفوعة بخبرات تعلم جديدة مؤكد حصلنا عليها نتيجة للفشل السابق أو الخبرات السلبية التي واجهتنا في المرة السابة.

ان الشخص الناضج الذكي هو من يتعلم من خبراته السابقة وخاصة السلبية من حيث تمنحه المزيد من الفهم والنضج وقوة المثابرة على مواجة التحديات مهما كان نوعها أو ظروفها. وقديما قالوا لايضيع حق وراؤه مطالب ونحن نقول لايضيع عمل وراؤه شخص ناضج مثابر وقوي وقابل لان يتعلم من خبراته خاصة السلبية منها ويتمكن من تحقيق انجازاته وطموحاته .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى