ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي لليوم الثاني على التوالي وذلك على حساب تراجع مستويات الدولار الأمريكي، حيث تستعد الأسواق لتقبل بيانات التضخم الهامة التي تصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي والتي سيكون لها تأثير كبير على الأسواق وتوقعات أسعار الفائدة خاصة بعد البيانات الأعلى من المتوقع التي صدرت يوم أمس عن أسعار المنتجين.
سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع خلال جلسة اليوم الأربعاء بنسبة 0.7% لتسجل أعلى مستوى عند 2374 دولار للأونصة وهو أعلى مستوى منذ بداية الأسبوع وذلك بعد أن افتتح جلسة اليوم عند المستوى 2357 دولار للأونصة ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند 2369 دولار للأونصة.
يأتي هذا بعد ارتفاع آخر يوم أمس بنسبة 0.9% في أسعار الذهب عقب صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين عن الاقتصاد الأمريكي خلال شهر ابريل، والتي شهدت تضارب في القراءات، حيث ارتفعت بأعلى من التوقعات ولكن قراءة شهر مارس السابقة تم تعديلها بشكل سلبي كبير.
بالإضافة إلى هذا صدرت يوم أمس تصريحات من رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، أشار خلالها أن معدلات التضخم ارتفعت خلال الفترة الماضي بأعلى مما كان يتوقعه البنك، وأن ثقة البنك في تراجع معدلات التضخم بشكل مستدام قد تراجعت حالياً.
أيضاً استبعد رئيس البنك الفيدرالي أن يقوم البنك برفع أسعار الفائدة وأشار أن قرار خفض الفائدة من عدمه سيكون معتمداً على البيانات الاقتصادية وعلى رأسها بيانات التضخم وقطاع العمالة.
تسببت هذه التصريحات في دفع مستويات الدولار الأمريكي إلى التراجع يوم أمس بشكل كبير، فقد انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس اداءه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال جلسة اليوم بنسبة 0.2 ليسجل أدنى مستوى منذ 8 جلسات، ليعد انخفاض للجلسة الثالثة على التوالي.
انخفاض مستويات الدولار شجع الذهب على الارتفاع في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما، وذلك على الرغم من ارتفاع قراءة مؤشر أسعار المنتجين يوم أمس بشكل كبير، ليكون السبب وراء ذلك هو تضارب قراءات المؤشر بالإضافة إلى تصريحات جيروم باول.
بيانات مؤشر أسعار المستهلكين التي تصدر اليوم والتي تعد المقياس الرئيسي للتضخم زادت أهميته بشكل كبير بعد أحداث الأمس، فالآن الأسواق تريد قراءة واضحة للتضخم بعد تضارب بيانات الأمس، بالإضافة إلى أن تصريحات رئيس الفيدرالي أظهرت اعتماد خفض الفائدة على بيانات التضخم وقطاع العمالة، وبذلك ستكون لبيانات اليوم أهمية كبيرة في الأسواق.
حتى الآن لا يزال هناك تسعير في الأسواق بأن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر أو نوفمبر وذلك بالرغم من تراجع هذه التوقعات بعد بيانات الأمس، ولكن التقييم النهائي لهذه التوقعات سيكون اليوم بعد بيانات التضخم.
ارتفاع معدلات التضخم بأعلى من المتوقع سيعمل على التأثير السلبي على الذهب لأن بقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذهب لا يقدم عائد لحائزيه.
أيضاً بيانات طلبات اعانات البطالة الأمريكية التي تصدر يوم غد سيكون لها أهمية كبيرة في الأسواق كونها تقيس أداء قطاع العمالة، خاصة بعد الارتفاع الكبير الذي سجلته خلال قراءة الأسبوع الماضي مما يعكس حدوث تباطؤ في قطاع العمالة الأمريكي.
تقرير الوظائف الحكومي الأخير عن شهر ابريل أظهر تراجع في اعداد الوظائف الجديدة وارتفاع في معدلات البطالة، وهو ما يدل على تباطؤ القطاع وتأثره سلباً باستمرار معدلات الفائدة مرتفعة لفترة طويلة، وبيانات التضخم اليوم ستظهر إذا كان لهذا تأثير على معدلات التضخم.
من جهة أخرى صدرت بيانات من مجلس الذهب العالمي بخصوص الاستثمار على الذهب في الصين خلال شهر ابريل، لتظهر أن عمليات سحب الذهب من بورصة شنغهاي للذهب قد سجلت 131 طن مرتفعة بمقدار 7 طن مقارنة مع شهر مارس، وأعلى بمقدار 10 طن مقارنة مع شهر ابريل 2023.
ترجع عمليات سحب الذهب من بورصة شنغهاي إلى تزايد الطلب على الاستثمار في الذهب، فقد شهدت صناديق الاستثمار المتداولة للذهب الصينية تدفقات داخلة للشهر الخامس على التوالي في أبريل، لتضيف 9 مليارات يوان صيني ما يعادل 17 طن من الذهب وهي التدفقات الأكبر على الإطلاق.
بالإضافة إلى هذا أعلن البنك المركزي الصيني عن شراءه للذهب لمدة 18 شهر متتالي. حيث بلغ إجمالي حيازات البنك الرسمية من الذهب يوم 2 أبريل عند 2264 طن، وهو ما يمثل 4.9% من إجمالي احتياطيات البنك المركزي الصيني وهو أعلى مستوى لاحتياطي الذهب على الإطلاق.
أسعار الذهب في مصر
حاول سعر الذهب المحلي الارتفاع اليوم ليتبع ارتفاع سعر أونصة الذهب العالمي، ولكنه سرعان ما فقد زخم الصعود بسبب استمرار التراجع التدريجي في سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية الأمر الذي يجبر الذهب على استمرار التذبذب والتحركات العرضية الضيقة.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الأربعاء عند المستوى 3110 جنيه للجرام قبل أن يرتفع السعر إلى المستوى 3120 جنيه للجرام ولكن السعر عاد إلى التراجع والتداول عن سعر افتتاح جلسة اليوم مجدداً.
بينما انخفض سعر الذهب يوم أمس بمقدار 5 جنيهات ليغلق عند المستوى 3105 جنيه للجرام بعد أن افتتح تداولات الأمس عند المستوى 3110 جنيه للجرام.
يبقى التذبذب هو المسيطر على أداء الذهب المحلي حيث يحاول الذهب الارتفاع ليتبع خطى سعر أونصة الذهب العالمي، ولكن في المقابل يستمر سعر صرف الدولار في البنوك في التراجع بشكل يحد من فرص تحقيق أي مكاسب مما يدفع الذهب إلى التحرك في الاتجاه العرضي.
بلغ سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية اليوم متوسط 46.95 جنيه لكل دولار وذلك بعد أن كان عند 47.40 جنيه لكل دولار مطلع هذا الأسبوع، ويعمل هذا التراجع على خفض تسعير الذهب.
يأتي هذا في ظل استمرار التدفقات الدولارية الأمر الذي يخلق حالة من الهدوء والثقة في الأسواق، خاصة بعد قرار عدد من البنوك بإعادة حدود الصرف ببطاقات الائتمان خارج مصر إلى مستوياتها الطبيعية الأمر الذي يدل على استقرار الأوضاع النقدية حالياً.
هذا وقد قام البنك المركزي المصري بسحب 1.05 تريليون جنيه مصري لأول مرة في تاريخ البنك من فائض السيولة النقدية للبنوك المصرية من خلال العطاء الأسبوعي بفائدة وصلت إلى 27.75%، وذلك بعد أن استحدث البنك المركزي نظام جديد لعطاء السيولة النقدية الأسبوعي للبنوك العاملة في مصر.
تعد عملية سحب السيولة النقدية من النظام البنكي أحد أدوات البنك المركزي في السيطرة على مستويات السيولة النقدية المتاحة وبالتالي العمل على خفض معدلات التضخم وتقليل المعروض النقدي.
وفي سياق متصل يدرس بنك مصر حالياً وقف شهادات الـ 27% التي تم طرحها بداية هذا العام، ليشير أن قرار إلغاء الشهادات سيتوقف بشكل كبير على قرارات البنك المركزي بخفض سعر الفائدة أو رفعها.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي خلال تداولات اليوم الأربعاء لتسجل ارتفاع لليوم الثاني على التوالي وذلك في ظل تراجع مستويات الدولار الأمريكي واستعداد الأسواق لتقبل بيانات التضخم الأمريكية الهامة اليوم.
يستمر التذبذب في السعر المحلي هو المسيطر وذلك على الرغم من محاولات السعر للارتفاع متأثرا بارتفاع سعر أونصة الذهب العالمي، ولكن التراجع التدريجي المستمر في سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية يحد من أي فرص لتحقيق المكاسب.
ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي لتحاول اختراق منطقة المستوى 2370 دولار للأونصة ولكن الأسواق تترقب صدور بيانات التضخم الأمريكية والتي من شأنها أن تساعد السعر على الوصول لمنطقة 2395 – 2400 دولار للأونصة إذا جاءت البيانات في صالح الذهب.
اختراق منطقة المستوى 2400 دولار للأونصة يعيد السعر إلى اختبار القمة السعرية الأخيرة عند 2431 دولار للأونصة، بينما إذا هبطت أسعار الذهب تكون منطقة المستوى 2330 دولار للأونصة هي منطقة الدعم الأساسية.
أما عن السعر المحلي:
ارتفع سعر الذهب المحلي عيار 21 اليوم ليتبع ارتفاع السعر العالمي لأونصة الذهب، وقد استطاع أن يسجل أعلى مستوى عند 3120 جنيه للجرام، ولكنه سرعان ما عاد إلى التراجع والتداول عند سعر افتتاح جلسة اليوم عند 3110 جنيه للجرام، الأمر الذي يعكس ضعف زخم الصعود.